فصل: باب زكاة الفطر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: شرح المحلي على المنهاج



. فَصْلٌ: [زكاة عروض التجارة]

التِّجَارَةُ تَقْلِيبُ الْمَالِ بِالْمُعَاوَضَةِ لِغَرَضِ الرِّبْحِ، وَفِي زَكَاتِهَا مَا رَوَى الْحَاكِمُ بِإِسْنَادَيْنِ وَقَالَ: هُمَا صَحِيحَانِ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«فِي الْإِبِلِ صَدَقَتُهَا، وَفِي الْبَقَرِ صَدَقَتُهَا، وَفِي الْغَنَمِ صَدَقَتُهَا، وَفِي الْبَزِّ صَدَقَتُهُ». وَهُوَ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَبِالزَّايِ يُطْلَقُ عَلَى الثِّيَابِ الْمُعَدَّةِ لِلْبَيْعِ. وَمَا رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ سَمُرَةَ«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُنَا أَنْ نُخْرِجَ الصَّدَقَةَ مِنْ الَّذِي يُعَدُّ لِلْبَيْعِ». (شَرْطُ زَكَاةِ التِّجَارَةِ الْحَوْلُ وَالنِّصَابُ) كَغَيْرِهَا (مُعْتَبَرًا) أَيْ النِّصَابُ (بِآخِرِ الْحَوْلِ. وَفِي قَوْلٍ بِطَرَفَيْهِ) أَيْ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ دُونَ وَسَطِهِ. (وَ) فِي (قَوْلٍ بِجَمِيعِهِ) كَالنَّقْدِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الِاعْتِبَارَ هُنَا بِالْقِيمَةِ وَيَعْسُرُ مُرَاعَاتُهَا كُلَّ وَقْتٍ لِاضْطِرَابِ الْأَسْعَارِ انْخِفَاضًا وَارْتِفَاعًا وَاكْتَفَى بِاعْتِبَارِهَا آخِرَ الْحَوْلِ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْوُجُوبِ وَالثَّانِي يُضَمُّ إلَيْهِ وَقْتُ الِانْعِقَادِ وَمِنْهُمْ مَنْ عَبَّرَ هُنَا بِالْأَوْجَهِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مَنْصُوصٌ وَالْآخَرَانِ مُخَرَّجَانِ وَالْمُخَرَّجُ يُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْوَجْهِ تَارَةً وَبِالْقَوْلِ أُخْرَى (فَعَلَى الْأَظْهَرِ) وَهُوَ الِاعْتِبَارُ بِآخِرِ الْحَوْلِ (لَوْ رَدَّ) مَالَ التِّجَارَةِ (إلَى النَّقْدِ) بِأَنْ بِيعَ بِهِ (فِي خِلَالِ الْحَوْلِ وَهُوَ دُونَ النِّصَابِ وَاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ وَيُبْتَدَأُ حَوْلُهَا مِنْ) حِينِ (شِرَائِهَا) وَالثَّانِي لَا يَنْقَطِعُ وَلَوْ بَادَلَهُ بِسِلْعَةٍ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ، وَلَوْ تَرَبَّصَ بِهِ حَتَّى تَمَّ الْحَوْلُ فَهَذِهِ الصُّورَةُ الْأَصْلِيَّةُ لِلْأَظْهَرِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ النَّقْدُ غَيْرَ مَا يَقُومُ بِهِ آخِرُ الْحَوْلِ كَأَنْ بَاعَهُ بِالدَّرَاهِمِ، وَالْحَالُ يَقْتَضِي التَّقْوِيمَ بِالدَّنَانِيرِ فَهُوَ كَبَيْعِهِ بِالسِّلْعَةِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ التَّفْرِيعِ يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي أَيْضًا (وَلَوْ تَمَّ الْحَوْلُ وَقِيمَةُ الْعَرْضِ دُونَ النِّصَابِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُبْتَدَأُ حَوْلٌ وَيَبْطُلُ الْأَوَّلُ) فَلَا تَجِبُ لَهُ زَكَاةٌ وَالثَّانِي لَا بَلْ مَتَى بَلَغَتْ قِيمَةُ الْعَرْضِ نِصَابًا وَجَبَتْ الزَّكَاةُ ثُمَّ يُبْتَدَأُ حَوْلٌ ثَانٍ، وَلَوْ كَانَ مَعَهُ مِنْ أَوَّلِ الْحَوْلِ مَا يُكْمِلُ بِهِ النِّصَابَ زَكَّاهُمَا آخِرَهُ كَمَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: لَوْ كَانَ مَعَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ بِخَمْسِينَ مِنْهَا فَبَلَغَتْ قِيمَتُهُ فِي آخِرِ الْحَوْلِ مِائَةً وَخَمْسِينَ لَزِمَهُ زَكَاةُ الْجَمِيعِ (وَيَصِيرُ عَرْضُ التِّجَارَةِ لِلْقِنْيَةِ بِنِيَّتِهَا) لِأَنَّهَا الْأَصْلُ (وَإِنَّمَا يَصِيرُ الْعَرْضُ لِلتِّجَارَةِ إذَا اقْتَرَنَتْ نِيَّتُهَا بِكَسْبِهِ بِمُعَاوَضَةٍ كَشِرَاءٍ) سَوَاءٌ كَانَ بِعَرْضٍ أَمْ نَقْدٍ أَمْ دَيْنٍ حَالٍّ أَمْ مُؤَجَّلٍ (وَكَذَا الْمَهْرُ وَعِوَضُ الْخُلْعِ) كَأَنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ أَوْ خَالَعَ زَوْجَتَهُ بِعَرْضٍ نَوَى بِهِ التِّجَارَةَ فَهُمَا مَالُ تِجَارَةٍ بِنِيَّتِهَا (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَقُولُ الْمُعَاوَضَةُ بِهِمَا لَيْسَتْ مَحْضَةً (لَا بِالْهِبَةِ) الْمَحْضَةِ (وَالِاحْتِطَابِ وَالِاسْتِرْدَادِ بِعَيْبٍ) كَأَنْ بَاعَ عَرْضَ قِنْيَةٍ بِمَا وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَرَدَّهُ وَاسْتَرَدَّ عَرْضَهُ فَالْمَكْسُوبُ بِمَا ذُكِرَ أَوْ نَحْوُهُ كَالِاحْتِشَاشِ وَالِاصْطِيَادِ وَالْإِرْثِ، وَرَدُّ الْعَرْضِ بِعَيْبٍ لَا يُصَيِّرُ مَالَ تِجَارَةٍ بِنِيَّتِهَا لِانْتِفَاءِ الْمُعَاوَضَةِ فِيهِ وَالْهِبَةُ بِثَوَابٍ كَالشِّرَاءِ، وَلَوْ تَأَخَّرَتْ النِّيَّةُ عَنْ الْكَسْبِ بِمُعَاوَضَةٍ فَلَا أَثَرَ لَهَا وَقَالَ الْكَرَابِيسِيُّ تُؤَثِّرُ فَيَصِيرُ الْعَرْضُ بِهَا لِلتِّجَارَةِ
(وَإِذَا مَلَكَهُ) أَيْ عَرْضَ التِّجَارَةِ (بِنَقْدِ نِصَابٍ) كَأَنْ اشْتَرَاهُ بِعِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَيْ بِعَيْنِ ذَلِكَ (فَحَوْلُهُ مِنْ حِينِ مَلَكَ) ذَلِكَ (النَّقْدَ) بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَاهُ بِنِصَابٍ فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ نَقَدَهُ يَنْقَطِعُ حَوْلُ النَّقْدِ وَيُبْتَدَأُ حَوْلُ التِّجَارَةِ مِنْ حِينِ الشِّرَاءِ. وَفَرَّقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ بِأَنَّ النَّقْدَ لَمْ يَتَعَيَّنْ صَرْفُهُ لِلشِّرَاءِ فِي الثَّانِيَةِ بِخِلَافِ الْأُولَى (أَوْ دُونَهُ) أَيْ النِّصَابِ (أَوْ بِعَرْضِ قِنْيَةٍ) كَالْعَبِيدِ وَالْمَاشِيَةِ (فَمِنْ الشِّرَاءِ) حَوْلُهُ (وَقِيلَ إنْ مَلَكَهُ بِنِصَابِ سَائِمَةٍ بُنِيَ عَلَى حَوْلِهَا) كَمَا لَوْ مَلَكَهُ بِنِصَابِ نَقْدٍ، وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْمَقِيسِ مُخْتَلَفٌ عَلَى خِلَافِهِ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ (وَيُضَمُّ الرِّبْحُ إلَى الْأَصْلِ فِي الْحَوْلِ إنْ لَمْ يَنِضَّ) فَلَوْ اشْتَرَى عَرْضًا بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَصَارَتْ قِيمَتُهُ فِي الْحَوْلِ وَلَوْ قَبْلَ آخِرِهِ بِلَحْظَةٍ ثَلَاثَمِائَةٍ زَكَّاهَا آخِرَهُ (لَا إنْ نَضَّ) أَيْ صَارَ الْكُلُّ نَاضًّا دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ مِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ الَّذِي هُوَ نِصَابٌ وَأَمْسَكَهُ إلَى آخِرِ الْحَوْلِ أَوْ اشْتَرَى بِهِ عَرْضًا قَبْلَ تَمَامِهِ فَيُفْرِدُ الرِّبْحَ بِحَوْلِهِ (فِي الْأَظْهَرِ) قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: فَإِذَا اشْتَرَى عَرْضًا بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَبَاعَهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِثَلَاثِمِائَةٍ وَأَمْسَكَهَا إلَى تَمَامِ الْحَوْلِ أَوْ اشْتَرَى بِهَا عَرْضًا وَهُوَ يُسَاوِي ثَلَاثَمِائَةٍ فِي آخِرِ الْحَوْلِ فَيُخْرِجُ الزَّكَاةَ عَنْ مِائَتَيْنِ، فَإِذَا مَضَتْ سِتَّةُ أَشْهُرٍ أَخْرَجَ عَنْ الْمِائَةِ. وَالثَّانِي يُزَكِّي الرِّبْحَ بِحَوْلِ الْأَصْلِ، وَلَوْ كَانَ النَّاضُّ الْمَبِيعُ بِهِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ فَهُوَ كَبَيْعِ عَرْضٍ بِعَرْضٍ فَيُضَمُّ الرِّبْحُ إلَى الْأَصْلِ. وَقِيلَ: عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا هُوَ مِنْ الْجِنْسِ، وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ دُونَ نِصَابٍ كَأَنْ اشْتَرَى عَرْضًا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَبَاعَهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَأَمْسَكَهُمَا إلَى تَمَامِ حَوْلِ الشِّرَاءِ وَاعْتَبَرْنَا النِّصَابَ آخِرَ الْحَوْلِ فَقَطْ زَكَّاهُمَا إنْ ضَمَمْنَا الرِّبْحَ إلَى الْأَصْلِ وَإِلَّا زَكَّى مِائَةَ الرِّبْحِ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أُخْرَى. وَإِنْ اعْتَبَرْنَا النِّصَابَ فِي جَمِيعِ الْحَوْلِ أَوْ فِي طَرَفَيْهِ فَابْتِدَاءُ حَوْلِ الْجَمِيعِ مِنْ حِينِ بَاعَ وَنَضَّ فَإِذَا تَمَّ زَكَّى الْمِائَتَيْنِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ وَلَدَ الْعَرْضِ) مِنْ الْحَيَوَانِ غَيْرِ السَّائِمَةِ كَالْخَيْلِ وَالْجَوَارِي وَالْمَعْلُوفَةِ (وَثَمَرَهُ) مِنْ الْأَشْجَارِ (مَالُ تِجَارَةٍ) وَالثَّانِي يَقُولُ لَمْ يُحَصَّلَا بِالتِّجَارَةِ (وَ) الْأَصَحُّ عَلَى الْأَوَّلِ (أَنَّ حَوْلَهُ حَوْلُ الْأَصْلِ) وَالثَّانِي لَا بَلْ يُفْرَدُ بِحَوْلٍ مِنْ انْفِصَالِ الْوَلَدِ وَظُهُورِ الثَّمَرِ. وَإِذَا قُلْنَا: الْوَلَدُ لَيْسَ مَالَ تِجَارَةٍ وَنَقَصَتْ الْأُمُّ بِالْوِلَادَةِ جُبِرَ نَقْصُهَا مِنْ قِيمَتِهِ فَفِيمَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهَا أَلْفًا وَصَارَتْ بِالْوِلَادَةِ تِسْعَمِائَةٍ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ مِائَتَيْنِ يُزَكِّي الْأَلْفَ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِي الْعَرْضِ السَّائِمَةِ
(وَوَاجِبُهَا) أَيْ التِّجَارَةِ (رُبْعُ عُشْرِ الْقِيمَةِ) وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ أَخْصَرُ وَأَوْضَحُ مِنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ. وَالْمُخْرِجُ لِلزَّكَاةِ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ الْقِيمَةَ أَيْ النَّقْدَ الَّذِي تُقَوَّمُ بِهِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ وَاجِبَ النَّقْدِ رُبْعُ الْعُشْرِ، وَعِبَارَةُ الْوَجِيزِ: وَأَمَّا الْمُخْرَجُ فَهُوَ رُبْعُ عُشْرِ الْقِيمَةِ (فَإِنْ مَلَكَ) الْعَرْضَ (بِنَقْدٍ قُوِّمَ بِهِ إنْ مَلَكَ نِصَابَ) دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ نَقْدِ الْبَلَدِ الْغَالِبِ (وَكَذَا دُونَهُ) أَيْ دُونَ النِّصَابِ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يُقَوَّمُ بِغَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لِبَقِيَّةِ النِّصَابِ مِنْ ذَلِكَ النَّقْدِ فَإِنْ كَانَ قُوِّمَ بِهِ لِبِنَاءِ حَوْلِ التِّجَارَةِ عَلَى حَوْلِهِ كَمَا فِي الْأَوَّلِ كَأَنْ اشْتَرَى عَرْضًا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَهُوَ يَمْلِكُ مِائَةً أُخْرَى (أَوْ) مَلَكَ (بِعَرْضٍ) لِلْقِنْيَةِ (فَبِغَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ) مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ يُقَوَّمُ. وَكَذَا لَوْ مَلَكَ بِنِكَاحٍ أَوْ خُلْعٍ (فَإِنْ غَلَبَ نَقْدَانِ) عَلَى التَّسَاوِي (وَبَلَغَ بِأَحَدِهِمَا) دُونَ الْآخَرِ (نِصَابًا قُوِّمَ بِهِ فَإِنْ بَلَغَ) نِصَابًا (بِهِمَا قُوِّمَ بِالْأَنْفَعِ لِلْفُقَرَاءِ وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ الْمَالِكُ) فَيُقَوَّمُ بِمَا شَاءَ مِنْهُمَا. وَصَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ لِنَقْلِ الرَّافِعِيِّ تَصْحِيحَهُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَالرُّويَانِيِّ، وَتَصْحِيحُ الْأَوَّلِ عَنْ مُقْتَضَى إيرَادِ الْإِمَامِ وَالْبَغَوِيِّ. وَعَبَّرَ عَنْهُ فِي الْمُحَرَّرِ بِأَوْلَى الْوَجْهَيْنِ (وَإِنْ مَلَكَ بِنَقْدٍ وَعَرْضٍ قُوِّمَ مَا قَابَلَ النَّقْدَ بِهِ وَالْبَاقِي بِالْغَالِبِ) مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ وَفِيمَا إذَا كَانَ النَّقْدُ دُونَ نِصَابِ الْوَجْهِ السَّابِقِ. (وَتَجِبُ فِطْرَةُ عَبْدِ التِّجَارَةِ مَعَ زَكَاتِهَا) لِاخْتِلَافِ سَبَبِهِمَا (وَلَوْ كَانَ الْعَرْضُ سَائِمَةً فَإِنْ كَمُلَ) بِتَثْلِيثِ الْمِيمِ (نِصَابُ إحْدَى الزَّكَاتَيْنِ) الْعَيْنُ وَالتِّجَارَةُ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ نِصَابِ الْأُخْرَى كَأَرْبَعِينَ مِنْ الْغَنَمِ لَا تَبْلُغُ قِيمَتُهَا نِصَابًا آخِرَ الْحَوْلِ أَوْ تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ فَمَا دُونَهَا قِيمَتُهَا نِصَابٌ (وَجَبَتْ) زَكَاةُ مَا كَمُلَ نِصَابُهُ (أَوْ) كَمُلَ (نِصَابُهُمَا فَزَكَاةُ الْعَيْنِ) تَجِبُ (فِي الْجَدِيدِ) وَزَكَاةُ التِّجَارَةِ فِي الْقَدِيمِ وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ الزَّكَاتَيْنِ وَيَجْرِي الْقَوْلَانِ فِي ثَمَرِ الْعَرْضِ إذَا بَلَغَ نِصَابًا، وَعَلَى الْجَدِيدِ تُضَمُّ السِّخَالُ إلَى الْأُمَّهَاتِ وَعَلَى الْقَدِيمِ تُقَوَّمُ مَعَ دَرِّهَا وَنَسْلِهَا وَصُوفِهَا وَمَا اُتُّخِذَ مِنْ لَبَنِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ النِّتَاجَ مَالُ تِجَارَةٍ. وَلَا يَضُرُّ نَقْصُ قِيمَتِهَا عَلَى النِّصَابِ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِآخِرِهِ (فَعَلَى هَذَا) أَيْ الْجَدِيدِ (لَوْ سَبَقَ حَوْلُ التِّجَارَةِ بِأَنْ اشْتَرَى بِمَالِهَا بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) مِنْ حَوْلِهَا (نِصَابَ سَائِمَةٍ فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ زَكَاةِ التِّجَارَةِ لِتَمَامِ حَوْلِهَا ثُمَّ يَفْتَتِحُ) مِنْ تَمَامِهِ (حَوْلًا لِزَكَاةِ الْعَيْنِ أَبَدًا) أَيْ فَتَجِبُ فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ. وَالثَّانِي يَبْطُلُ حَوْلُ التِّجَارَةِ وَتَجِبُ زَكَاةُ الْعَيْنِ لِتَمَامِ حَوْلِهَا مِنْ الشِّرَاءِ وَلِكُلِّ حَوْلٍ بَعْدَهُ. وَعَلَى الْقَدِيمِ تَجِبُ زَكَاةُ التِّجَارَةِ لِكُلِّ حَوْلٍ. (وَإِذَا قُلْنَا عَامِلُ الْقِرَاضِ لَا يَمْلِكُ الرِّبْحَ) الْمَشْرُوطَ لَهُ (بِالظُّهُورِ) بَلْ بِالْقِسْمَةِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ (فَعَلَى الْمَالِكِ) عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ (زَكَاةُ الْجَمِيعِ) رَأْسُ الْمَالِ وَالرِّبْحُ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ (فَإِنْ أَخْرَجَهَا) مِنْ عِنْدِهِ فَذَاكَ أَوْ (مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ حُسِبَتْ مِنْ الرِّبْحِ فِي الْأَصَحِّ) كَالْمُؤَنِ الَّتِي تَلْزَمُ الْمَالَ مِنْ أُجْرَةِ الدَّلَّالِ وَالْكَيَّالِ وَغَيْرِهِمَا. وَالثَّانِي مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَالثَّالِثُ مِنْ الْجَمِيعِ بِالتَّقْسِيطِ فَإِذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِائَتَيْنِ وَالرِّبْحُ مِائَةً فَثُلُثَا الْمُخْرَجِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَثُلُثُهُ مِنْ الرِّبْحِ (وَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُ) الْعَامِلُ الرِّبْحَ الْمَشْرُوطَ لَهُ (بِالظُّهُورِ لَزِمَ الْمَالِكَ زَكَاةُ رَأْسِ الْمَالِ وَحِصَّتُهُ مِنْ الرِّبْحِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْعَامِلَ زَكَاةُ حِصَّتِهِ) وَالْقَوْلُ الثَّانِي لَا تَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنْ كَمَالِ التَّصَرُّفِ فِيهَا وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْوُصُولِ إلَيْهَا بِطَلَبِ الْقِسْمَةِ، وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالثَّانِي لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ لِاحْتِمَالِ الْخُسْرَانِ. وَسَكَتَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ تَرْجِيحِ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الطُّرُقِ، وَرَجَّحَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الْقَطْعَ بِاللُّزُومِ وَابْتِدَاءُ الْحَوْلِ عَلَيْهِ مِنْ حِينِ الظُّهُورِ، فَإِذَا تَمَّ وَحِصَّتُهُ نِصَابٌ لَزِمَهُ زَكَاتُهَا. وَلَا يَلْزَمُهُ إخْرَاجُهَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَلَهُ الِاسْتِبْدَادُ بِإِخْرَاجِهَا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ.

. باب زكاة الفطر:

رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:«فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى النَّاسِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ». (تَجِبُ بِأَوَّلِ لَيْلَةِ الْعِيدِ فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي بِطُلُوعِ فَجْرِهِ وَالثَّالِثُ بِهِمَا (فَتُخْرَجُ) عَلَى الْأَوَّلِ (عَمَّنْ مَاتَ بَعْدَ الْغُرُوبِ دُونَ مَنْ وُلِدَ) بَعْدَهُ وَلَا تُخْرَجُ عَلَى الْآخَرِينَ عَنْ الْمَيِّتِ، وَتُخْرَجُ عَلَى الثَّانِي عَنْ الْمَوْلُودِ وَيَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ إخْرَاجِهَا عَنْهُ عَلَى الْأَوَّلِ انْتِفَاءُ إخْرَاجِهَا عَنْهُ عَلَى الثَّالِثِ (وَيُسَنُّ أَنْ لَا تُؤَخَّرَ عَنْ صَلَاتِهِ) أَيْ الْعِيدِ بِأَنْ تُخْرَجَ قَبْلَهَا فِي يَوْمِهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. وَدَلِيلُهُ مَا رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلَى الصَّلَاةِ.» (وَيَحْرُمُ تَأْخِيرُهَا عَنْ يَوْمِهِ) أَيْ الْعِيدِ فَيَجُوزُ إخْرَاجُهَا فِيهِ بَعْدَ صَلَاتِهِ وَإِذَا أُخِّرَتْ عَنْهُ تُقْضَى (وَلَا فِطْرَةَ عَلَى كَافِرٍ) لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (إلَّا فِي عَبْدِ) الْمُسْلِمِ (وَقَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ) فَتَجِبُ عَلَيْهِ عَنْهُمَا (فِي الْأَصَحِّ) الْمَبْنِيُّ عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهَا تَجِبُ ابْتِدَاءً عَلَى الْمُؤَدَّى عَنْهُ ثُمَّ يَتَحَمَّلُ عَنْهُ الْمُؤَدِّي. وَالثَّانِي: وَهُوَ عَدَمُ الْوُجُوبِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ ابْتِدَاءً عَلَى الْمُؤَدِّي عَنْ غَيْرِهِ، وَالْكَافِرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا. وَعَلَى الْأَوَّلِ قَالَ الْإِمَامُ: لَا صَائِرَ إلَى أَنَّ الْمُتَحَمَّلَ عَنْهُ يَنْوِي وَالْكَافِرُ لَا تَصِحُّ مِنْهُ النِّيَّةُ. وَظَاهِرٌ أَنَّ الْأَمَةَ كَالْعَبْدِ. وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا بالمستولدة وَلَوْ أَسْلَمَتْ ذِمِّيَّةٌ تَحْتَ ذِمِّيٍّ وَدَخَلَ وَقْتُ وُجُوبِ الْفِطْرَةِ وَهُوَ مُتَخَلِّفٌ فِي الْعِدَّةِ فَفِي وُجُوبِ فِطْرَتِهَا عَلَيْهِ الْوَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ نَفَقَةِ مُدَّةِ التَّخَلُّفِ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْآتِي فِي بَابِهِ، وَفِي وُجُوبِهَا عَلَى الْمُرْتَدِّ الْأَقْوَالُ فِي بَقَاءِ مِلْكِهِ أَظْهَرُهَا أَنَّهُ مَوْقُوفٌ إنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ تَبَيَّنَّا بَقَاءَهُ فَتَجِبُ وَإِلَّا فَلَا. ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (وَلَا) فِطْرَةَ عَلَى (رَقِيقٍ) أَمَّا غَيْرُ الْمُكَاتَبِ فَلِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا وَفِطْرَتُهُ عَلَى سَيِّدِهِ قِنًّا كَانَ أَوْ مُدَبَّرًا، أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُعَلَّقَ الْعِتْقِ بِصِفَةٍ. وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَلِضَعْفِ مِلْكِهِ وَلَا فِطْرَةَ عَلَى سَيِّدِهِ عَنْهُ لِنُزُولِهِ مَعَهُ مَنْزِلَةَ الْأَجْنَبِيِّ. وَقِيلَ: تَجِبُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ (وَفِي الْمُكَاتَبِ وَجْهٌ) أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ فِطْرَتُهُ وَفِطْرَةُ زَوْجَتِهِ وَعَبْدِهِ فِي كَسْبِهِ كَنَفَقَتِهِمْ (وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ يَلْزَمُهُ) مِنْهُ الْفِطْرَةُ (قِسْطُهُ) مِنْ الْحُرِّيَّةِ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِكِ بَعْضِهِ مُهَايَأَةٌ. وَكَذَا يَلْزَمُ كُلًّا مِنْ شَرِيكَيْنِ فِي عَبْدٍ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ فَإِنْ كَانَتْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ اخْتَصَّتْ الْفِطْرَةُ بِمَنْ وَقَعَ زَمَنُ وُجُوبِهَا فِي نَوْبَتِهِ. وَقِيلَ يُوَزَّعُ بَيْنَهُمَا كَمَا سَبَقَ (وَلَا) فِطْرَةَ عَلَى (مُعْسِرٍ) وَإِنْ أَيْسَرَ بَعْدَ وَقْتِ الْوُجُوبِ (فَمَنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ مَنْ فِي نَفَقَتِهِ لَيْلَةَ الْعِيدِ وَيَوْمِهِ شَيْءٌ) يُخْرِجُهُ فِي الْفِطْرَةِ (فَمُعْسِرٌ) بِخِلَافِ مَنْ فَضَلَ عَنْهُ مَا يُخْرِجُهُ فِيهَا مِنْ أَيِّ جِنْسٍ كَانَ مِنْ الْمَالِ فَهُوَ مُوسِرٌ لَكِنْ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ: (وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ) أَيْ الْفَاضِلِ عَمَّا ذُكِرَ (فَاضِلًا عَنْ مَسْكَنٍ) يَحْتَاجُ إلَيْهِ (وَخَادِمٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ) وَهَذَا فِي الِابْتِدَاءِ فَلَوْ ثَبَتَتْ الْفِطْرَةُ فِي ذِمَّةِ إنْسَانٍ بِعْنَا خَادِمَهُ وَمَسْكَنَهُ فِيهَا لِأَنَّهَا بَعْدَ الثُّبُوتِ الْتَحَقَتْ بِالدُّيُونِ، وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ فَاضِلًا عَنْ دَيْنِ الْآدَمِيِّ عَلَى الْأَشْبَهِ بِالْمَذْهَبِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الْمُوَافِقِ لِمُقْتَضَى كَلَامِ الْكَبِيرِ. وَسَكَتَ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَة. وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: هُوَ كَمَا قَالَ قَالَا وَالْإِمَامُ قَالَ يُشْتَرَطُ بِالِاتِّفَاقِ. وَمَشَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْمُصَنِّفُ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ. وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ طَرِيقَانِ (وَمَنْ لَزِمَهُ فِطْرَتُهُ لَزِمَهُ فِطْرَةُ مَنْ لَزِمَهُ نَفَقَتُهُ) وَذَلِكَ بِمِلْكٍ أَوْ قَرَابَةٍ أَوْ نِكَاحٍ (لَكِنْ لَا يَلْزَمُ الْمُسْلِمَ فِطْرَةُ الْعَبْدِ وَالْقَرِيبِ وَالزَّوْجَةِ الْكُفَّارِ) وَإِنْ لَزِمَهُ نَفَقَتُهُمْ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (وَلَا الْعَبْدَ فِطْرَةُ زَوْجَتِهِ) حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً وَإِنْ لَزِمَهُ نَفَقَتُهَا فِي كَسْبِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِفِطْرَةِ نَفْسِهِ فَكَيْفَ يَحْمِلُ عَنْ غَيْرِهِ ؟ (وَلَا الِابْنَ فِطْرَةُ زَوْجَةِ أَبِيهِ) وَإِنْ لَزِمَهُ نَفَقَتُهَا لِلُزُومِ الْإِعْفَافِ الْآتِي فِي بَابِهِ (وَفِي الِابْنِ وَجْهٌ) أَنَّهُ يَلْزَمُهُ فِطْرَتُهَا كَنَفَقَتِهَا. وَقَالَ الْأَوَّلُ: الْأَصْلُ فِي النَّفَقَةِ وَالْفِطْرَةِ الْأَبُ وَهُوَ مُعْسِرٌ، وَلَا تَجِبُ الْفِطْرَةُ عَلَى الْمُعْسِرِ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ فَيَتَحَمَّلُهَا الِابْنُ (وَلَوْ أَعْسَرَ الزَّوْجُ أَوْ كَانَ عَبْدًا فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَلْزَمُ زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ فِطْرَتُهَا. وَكَذَا سَيِّدُ الْأَمَةِ) وَالثَّانِي لَا يَلْزَمُهُمَا وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ ابْتِدَاءً عَلَى الْمُؤَدَّى عَنْهُ ثُمَّ يَتَحَمَّلُهَا الْمُؤَدِّي فَتَلْزَمُهُمَا أَوْ تَجِبُ ابْتِدَاءً عَلَى الْمُؤَدِّي فَلَا تَلْزَمُهُمَا. هَذَا أَحَدُ الطَّرِيقَيْنِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (قُلْت: الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ لَا يَلْزَمُ الْحُرَّةَ) وَيَلْزَمُ سَيِّدَ الْأَمَةِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ). هَذَا الطَّرِيقُ الثَّانِي تَقْرِيرُ النَّصَّيْنِ وَالْفَرْقُ كَمَالُ تَسْلِيمِ الْحُرَّةِ نَفْسَهَا بِخِلَافِ الْأَمَةِ لِاسْتِخْدَامِ السَّيِّدِ لَهَا (وَلَوْ انْقَطَعَ خَبَرُ الْعَبْدِ) الْغَائِبِ مَعَ تَوَاصُلِ الرِّفَاقِ (فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ إخْرَاجِ فِطْرَتِهِ فِي الْحَالِ. وَقِيلَ: إذَا عَادَ. وَفِي قَوْلٍ لَا شَيْءَ) وَجْهُ وُجُوبِهَا أَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ حَيًّا وَوَجْهُ مُقَابِلِهِ أَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْهَا. وَعَلَى الْأَوَّلِ الَّذِي قَطَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ الْخِلَافَ فِي وُجُوبِ إخْرَاجِهَا فِي الْحَالِ. وَالثَّانِي مِنْهُ قَاسَهَا عَلَى زَكَاةِ الْمَالِ الْغَائِبِ وَالْأَوَّلُ قَالَ الْمُهْلَةُ شُرِعَتْ فِيهِ لِمَعْنَى النَّمَاءِ وَهُوَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ هُنَا (وَالْأَصَحُّ أَنَّ مَنْ أَيْسَرَ بِبَعْضِ صَاعٍ) وَهُوَ فِطْرَةُ الْوَاحِدِ (يَلْزَمُهُ) أَيْ إخْرَاجُهُ مُحَافَظَةً عَلَى الْوَاجِبِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ. وَالثَّانِي يَقُولُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْوَاجِبِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ بَعْضَ الصِّيعَانِ قَدَّمَ نَفْسَهُ ثُمَّ زَوْجَتَهُ ثُمَّ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ ثُمَّ الْأَبَ ثُمَّ الْأُمَّ ثُمَّ) وَلَدَهُ (الْكَبِيرَ) فَإِذَا وَجَدَ صَاعًا أَخْرَجَهُ عَنْ نَفْسِهِ. وَقِيلَ: عَنْ زَوْجَتِهِ وَوُجِّهَ بِأَنَّ فِطْرَتَهَا دَيْنٌ وَالدَّيْنُ يَمْنَعُ وُجُوبَ الْفِطْرَةِ عَلَى طَرِيقٍ تَقَدَّمَ وَقِيلَ: يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا أَوْ صَاعَيْنِ أَخْرَجَهُمَا عَنْ نَفْسِهِ وَزَوْجَتُهُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْقَرِيبِ لِأَنَّ نَفَقَتَهَا آكَدُ إذْ لَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ بِخِلَافِ نَفَقَتِهِ وَقِيلَ: يُؤَخِّرُهَا عَنْ الْقَرِيبِ لِأَنَّ عَلَقَتَهُ لَا تَنْقَطِعُ وَعَلَقَتُهَا يَعْرِضُ لَهَا الِانْقِطَاعُ. وَقِيلَ: يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا أَوْ ثَلَاثَةُ آصُعٍ فَأَكْثَرُ، أَخْرَجَ الثَّالِثَ عَنْ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ، وَالرَّابِعُ عَنْ الْأَبِ وَالْخَامِسُ عَنْ الْأُمِّ. وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْإِمَامِ وَغَيْرُهُ حِكَايَةُ وَجْهٍ بِتَقْدِيمِ الْوَلَدِ الْكَبِيرِ عَلَى الْأَبَوَيْنِ، وَوَجْهُ بِتَقْدِيمِ الْأُمِّ عَلَى الْأَبِ، وَوَجْهُ بِأَنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا كَالْخِلَافِ فِي نَفَقَتِهِمَا لَكِنَّ الْأَصَحَّ مِنْهُ تَقْدِيمُ الْأُمِّ. قَالَ: وَالْفَرْقُ أَنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ لِسَدِّ الْخُلَّةِ وَالْأُمُّ أَحْوَجُ وَأَقَلُّ حِيلَةً. وَالْفِطْرَةُ تَجِبُ لِتَطْهِيرِ الْمُخْرَجِ عَنْهُ وَتَشْرِيفِهِ، وَالْأَبُ أَحَقُّ بِهَذَا فَإِنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ وَيَشْرُفُ بِشَرَفِهِ (وَهِيَ) أَيْ فِطْرَةُ الْوَاحِدِ (صَاعٌ وَهُوَ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ وَثَلَاثَةٌ وَتِسْعُونَ وَثُلُثٌ) لِأَنَّهُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ، وَالْمُدُّ رِطْلٌ وَثُلُثٌ بِالْبَغْدَادِيِّ. وَالرِّطْلُ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَثَلَاثُونَ دِرْهَمًا (قُلْت: الْأَصَحُّ سِتُّمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ وَثَمَانُونَ دِرْهَمًا وَخَمْسَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ لِمَا سَبَقَ فِي زَكَاةِ النَّبَاتِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) مِنْ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ رِطْلَ بَغْدَادَ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ. قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ: الْأَصْلُ فِي ذَلِكَ الْكَيْلُ. وَإِنَّمَا قَدَّرَهُ الْعُلَمَاءُ بِالْوَزْنِ اسْتِظْهَارًا. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: يَخْتَلِفُ قَدْرُهُ وَزْنًا بِاخْتِلَافِ جِنْسِ مَا يُخْرَجُ كَالذُّرَةِ وَالْحِمَّصِ وَغَيْرِهِمَا. وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ الدَّارِمِيُّ أَنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى الْكَيْلِ بِصَاعٍ مُعَايَرٍ بِالصَّاعِ الَّذِي كَانَ يُخْرَجُ بِهِ فِي عَصْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ لَمْ يَجِدْهُ وَجَبَ عَلَيْهِ إخْرَاجُ قَدْرٍ يَتَيَقَّنُ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ عَنْهُ. وَعَلَى هَذَا فَالتَّقْدِيرُ بِخَمْسَةِ أَرْطَالٍ وَثُلُثٍ تَقْرِيبٌ (وَجِنْسُهُ) أَيْ الصَّاعُ الْوَاجِبُ (الْقُوتُ الْمُعَشَّرُ) أَيْ الَّذِي يَجِبُ فِيهِ الْعُشْرُ. وَكَذَا نِصْفُهُ (وَكَذَا الْأَقِطُ فِي الْأَظْهَرِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْقَافِ. قَالَ فِي التَّحْرِيرِ: هُوَ لَبَنٌ يَابِسٌ غَيْرُ مَنْزُوعِ الزُّبْدِ. رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ:«كُنَّا نُخْرِجُ إذْ كَانَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ كُلِّ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ حُرٍّ أَوْ مَمْلُوكٍ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ» وَمَنْشَأُ الْقَوْلَيْنِ التَّرَدُّدُ فِي صِحَّةِ الْحَدِيثِ وَقَدْ صَحَّ، وَلِذَلِكَ قَطَعَ بَعْضُهُمْ بِجَوَازِهِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: يَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ بِجَوَازِهِ لِصِحَّةِ الْحَدِيثِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ. وَفِي مَعْنَاهُ اللَّبَنُ وَالْجُبْنُ فَيُجْزِئَانِ فِي الْأَصَحِّ، وَأَجْزَأَ كُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ لِمَنْ هُوَ قُوتُهُ، وَلَا يُجْزِئُ الْمَخِيضُ وَالْمَصْلُ وَالسَّمْنُ وَالْجُبْنُ الْمَنْزُوعُ الزُّبْدُ لِانْتِفَاءِ الِاقْتِيَاتِ بِهَا، وَلَا الْمُمَلَّحُ مِنْ الْأَقِطِ الَّذِي أَفْسَدَ كَثْرَةُ الْمِلْحِ جَوْهَرَهُ بِخِلَافِ ظَاهِرِ الْمِلْحِ فَيُجْزِئُ لَكِنْ لَا يُحْسَبُ الْمِلْحُ فَيُخْرِجُ قَدْرًا يَكُونُ مَحْضُ الْأَقِطِ مِنْهُ صَاعًا (وَيَجِبُ) فِي الْبَلَدِ مِنْ قُوتِ بَلَدِهِ وَقِيلَ قُوتُهُ. وَقِيلَ: (يَتَخَيَّرُ بَيْنَ) جَمِيعِ (الْأَقْوَاتِ) لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، إلَى آخِرِهِ وَأَجَابَ الْأَوَّلَانِ بِأَنَّ أَوْ فِيهِ لَيْسَتْ لِلتَّخْيِيرِ بَلْ لِبَيَانِ الْأَنْوَاعِ الَّتِي تُخْرَجُ مِنْهَا، فَلَوْ كَانَ قُوتُ بَلَدِهِ الشَّعِيرَ وَقُوتُهُ الْبُرَّ تَنَعُّمًا تَعَيَّنَ الْبُرُّ عَلَى الثَّانِي وَأَجْزَأَ الشَّعِيرُ عَلَى الْأَوَّلِ وَأَجْزَأَ غَيْرُهُمَا عَلَى الثَّالِثِ، وَعَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا بِغَالِبِ قُوتِهِ وَغَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ (وَيُجْزِئُ) عَلَى الْأَوَّلَيْنِ (الْأَعْلَى عَنْ الْأَدْنَى) وَلَا عَكْسَ (وَالِاعْتِبَارُ فِي الْأَعْلَى وَالْأَدْنَى بِالْقِيمَةِ فِي وَجْهٍ) فَمَا قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْآخَرِ أَعْلَى وَالْآخَرُ أَدْنَى وَيَخْتَلِفُ الْحَالُ عَلَى هَذَا بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ وَالْأَوْقَاتِ إلَّا أَنْ تُعْتَبَرَ زِيَادَةُ الْقِيمَةِ فِي الْأَكْثَرِ (وَبِزِيَادَةِ الِاقْتِيَاتِ فِي الْأَصَحِّ فَالْبُرُّ خَيْرٌ مِنْ التَّمْرِ وَالْأَرُزِّ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالزَّبِيبُ وَالشَّعِيرُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ الشَّعِيرَ خَيْرٌ مِنْ التَّمْرِ) لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الِاقْتِيَاتِ، وَقِيلَ التَّمْرُ خَيْرٌ مِنْهُ (وَأَنَّ التَّمْرَ خَيْرٌ مِنْ الزَّبِيبِ) لِذَلِكَ أَيْضًا.
وَقِيلَ: الزَّبِيبُ خَيْرٌ مِنْهُ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَالصَّوَابُ تَقْدِيمُ الشَّعِيرِ عَلَى الزَّبِيبِ أَيْ مَنْ تَرَدَّدَ فِيهِ لِلشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ كَتَرَدُّدِهِ فِي التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ. وَجَزَمَ بِتَقْدِيمِ التَّمْرِ عَلَى الشَّعِيرِ. وَقَدَّمَ الْبَغَوِيُّ الشَّعِيرَ عَلَى التَّمْرِ فَعَبَّرَ عَنْ قَوْلَيْهِمَا وَعَنْ تَرَدُّدِ الْأَوَّلِ بِالْوَجْهَيْنِ (وَلَهُ أَنْ يُخْرِجَ عَنْ نَفْسِهِ مِنْ قُوتٍ) وَاجِبٍ (وَعَنْ قَرِيبِهِ) أَوْ عَبْدِهِ (أَعْلَى مِنْهُ وَلَا يُبَعَّضُ الصَّاعُ) عَنْ وَاحِدٍ بِأَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ قُوتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَعْلَى مِنْ الْوَاجِبِ كَأَنْ وَجَبَ التَّمْرُ فَأَخْرَجَ نِصْفَ صَاعٍ مِنْهُ وَنِصْفًا مِنْ الْبُرِّ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَرَأَيْت لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ تَجْوِيزَهُ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ أَوَّلَ الْبَابِ فَرَضَ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، وَلَوْ مَلَكَ نِصْفَيْنِ مِنْ عَبْدَيْنِ فَأَخْرَجَ نِصْفَ صَاعٍ عَنْ أَحَدِ النِّصْفَيْنِ مِنْ الْوَاجِبِ وَنِصْفًا عَنْ الثَّانِي مِنْ جِنْسٍ أَعْلَى مِنْهُ جَازَ، وَعَلَى التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْأَقْوَاتِ لَهُ إخْرَاجُهَا مِنْ جِنْسَيْنِ بِكُلِّ حَالٍ (وَلَوْ كَانَ فِي بَلَدٍ أَقْوَاتٌ لَا غَالِبَ فِيهَا تَخَيَّرَ) بَيْنَهَا فَيُخْرِجُ مَا شَاءَ مِنْهَا (وَالْأَفْضَلُ أَشْرَفُهَا) أَيْ أَعْلَاهَا. وَهَذَا التَّعْبِيرُ مُوَافِقٌ لِتَعْبِيرِ الْمُحَرَّرِ فِيمَا تَقَدَّمَ بِغَالِبِ قُوتِ الْبَلَدِ (وَلَوْ كَانَ عَبْدُهُ بِبَلَدٍ آخَرَ فَالْأَصَحُّ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِقُوتِ بَلَدِ الْعَبْدِ) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهَا تَجِبُ ابْتِدَاءً عَلَى الْمُؤَدَّى عَنْهُ، ثُمَّ يَتَحَمَّلُ عَنْهُ الْمُؤَدِّي. وَالثَّانِي الِاعْتِبَارُ بِقُوتِ بَلَدِ الْمَالِكِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ ابْتِدَاءً عَلَى الْمُؤَدِّي عَنْ غَيْرِهِ (قُلْت: الْوَاجِبُ الْحَبُّ السَّلِيمُ) فَلَا يُجْزِئُ الْمُسَوِّسُ وَالْمَعِيبُ وَلَا الدَّقِيقُ وَالسَّوِيقُ. كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَلَوْ أَخْرَجَ مِنْ مَالِهِ فِطْرَةَ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ الْغَنِيِّ جَازَ كَأَجْنَبِيٍّ أُذِنَ) فَيَجُوزُ إخْرَاجُهَا عَنْهُ (بِخِلَافِ الْكَبِيرِ) فَلَا يَجُوزُ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِأَنَّ الْأَبَ لَا يَسْتَقِلُّ بِتَمْلِيكِهِ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ فَكَأَنَّهُ مَلَّكَهُ فِطْرَتَهُ ثُمَّ أَخْرَجَهَا عَنْهُ (وَلَوْ اشْتَرَكَ مُوسِرٌ وَمُعْسِرٌ فِي عَبْدٍ لَزِمَ الْمُوسِرَ نِصْفُ صَاعٍ) وَلَا يَجِبُ غَيْرُهُ ذَكَرَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي الرَّوْضَةِ (وَلَوْ أَيْسَرَا) أَيْ الْمُشْتَرِكَانِ فِي عَبْدٍ (وَاخْتَلَفَ وَاجِبُهُمَا) بِاخْتِلَافِ قُوتِ بَلَدَيْهِمَا أَوْ قُوتِهِمَا (أَخْرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ وَاجِبِهِ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُ إذَا أَخْرَجَ ذَلِكَ أَخْرَجَ جَمِيعَ مَا لَزِمَهُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ. وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُخْرَجَ عَنْهُ وَاحِدٌ. فَلَا يَتَبَعَّضُ وَاجِبُهُ فَيُخْرَجَانِ مِنْ أَعْلَى الْقُوتَيْنِ فِي وَجْهٍ رِعَايَةً لِلْفُقَرَاءِ وَمِنْ أَدْنَاهُمَا فِي آخَرَ دَفْعًا لِضَرَرِ أَحَدِ الْمَالِكَيْنِ. وَقَوْلُهُ: مِنْ وَاجِبِهِ أَيْ قُوتِ بَلَدِهِ أَوْ قُوتِهِ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ بِبَلَدٍ آخَرَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ ابْتِدَاءً. فَإِنْ قُلْنَا: تَجِبُ بِالتَّحَمُّلِ فَالْمُخْرَجُ مِنْ قُوتِ بَلَدِ الْعَبْدِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ بَعْدَ تَصْحِيحِهِ السَّابِقِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الرَّوْضَةِ.

. باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه:

مِمَّا يَأْتِي بَيَانُهُ كَالْمَغْصُوبِ وَالضَّالِّ وَغَيْرِهِمَا وَتَرْجَمَ بَعْدَهُ بِفَصْلَيْنِ (شَرْطُ وُجُوبِ زَكَاةِ الْمَالِ) بِأَنْوَاعِهِ السَّابِقَةِ مِنْ حَيَوَانٍ وَنَبَاتٍ وَنَقْدٍ وَتِجَارَةٍ عَلَى مَالِكِهِ (الْإِسْلَامُ) لِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ الصَّدَقَةِ السَّابِقِ أَوَّلُ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ فَرَضَهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَلَا تَجِبُ عَلَى الْكَافِرِ وُجُوبَ مُطَالَبَةٍ بِهَا فِي الدُّنْيَا لَكِنْ تَجِبُ عَلَيْهِ وُجُوبَ عِقَابٍ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ. كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ. وَيَسْقُطُ عَنْهُ بِالْإِسْلَامِ مَا مَضَى تَرْغِيبًا فِيهِ. (وَالْحُرِّيَّةُ) فَلَا تَجِبُ عَلَى الْقِنِّ إذَا مَلَّكَهُ سَيِّدُهُ مَالًا زَكَوِيًّا. وَقُلْنَا يَمْلِكُهُ عَلَى قَوْلٍ مَرْجُوحٍ يَأْتِي فِي بَابِهِ لِضَعْفِ مِلْكِهِ إذْ لِلسَّيِّدِ انْتِزَاعُهُ مَتَى شَاءَ وَلَا زَكَاةَ فِيهِ عَلَى السَّيِّدِ لِأَنَّ مِلْكَهُ زَائِلٌ. وَقِيلَ: نَعَمْ لِأَنَّ ثَمَرَةَ الْمِلْكِ بَاقِيَةٌ إذْ يَتَصَرَّفُ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ. وَالْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ كَالْقِنِّ فِيمَا ذُكِرَ (وَتَلْزَمُ الْمُرْتَدَّ إنْ أَبْقَيْنَا مِلْكَهُ) مُؤَاخَذَتُهُ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَزَلْنَاهُ فَلَا أَوْ قُلْنَا مَوْقُوفٌ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ الْآتِي فِي بَابِهِ فَمَوْقُوفَةٌ إنْ عَادَ الْإِسْلَامُ لَزِمَتْهُ لِتَبَيُّنِ بَقَاءِ مِلْكِهِ، وَإِنْ هَلَكَ مُرْتَدًّا فَلَا. وَالْخِلَافُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِيمَا حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فِي الرِّدَّةِ. أَمَّا الَّتِي لَزِمَتْهُ قَبْلَهَا، فَلَا تَسْقُطُ جَزْمًا وَيُجْزِئُهُ الْإِخْرَاجُ فِي حَالِ الرِّدَّةِ فِي هَذِهِ وَفِي الْأُولَى عَلَى قَوْلِ اللُّزُومِ فِيهَا نَظَرًا إلَى جِهَةِ الْمَالِ، وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِصَاحِبِ التَّقْرِيبِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الزَّكَاةَ قُرْبَةٌ مُفْتَقِرَةٌ إلَى النِّيَّةِ (دُونَ الْمُكَاتَبِ) فَلَا تَلْزَمُهُ لِضَعْفِ مِلْكِهِ إذْ لَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ، وَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ قَرِيبُهُ وَبِتَعْجِيزِهِ نَفْسَهُ يَصِيرُ مَا فِي يَدِهِ لِسَيِّدِهِ (وَتَجِبُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ) وَيُخْرِجُهَا مِنْهُ وَلِيُّهُمَا لِشُمُولِ حَدِيثِ الصَّدَقَةِ السَّابِقِ لِمَا لَهُمَا، وَلَا تَجِبُ فِي الْمَالِ الْمَنْسُوبِ إلَى الْجَنِينِ إذْ لَا وُثُوقَ بِوُجُودِهِ وَحَيَاتِهِ. وَقِيلَ: تَجِبُ فِيهِ إذَا انْفَصَلَ حَيًّا (وَكَذَا مَنْ مَلَكَ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ نِصَابًا) تَجِبُ زَكَاتُهُ عَلَيْهِ (فِي الْأَصْلِ) لِتَمَامِ مِلْكِهِ لَهُ. وَالثَّانِي لَا تَجِبُ عَلَيْهِ لِنَقْصِهِ بِالرِّقِّ (وَ) تَجِبُ (فِي الْمَغْصُوبِ وَالضَّالِّ وَالْمَجْحُودِ) كَأَنْ أَوْدَعَ فَجُحِدَ أَيْ تَجِبُ فِي كُلٍّ مِمَّا ذُكِرَ (فِي الْأَظْهَرِ) مَاشِيَةً كَانَ أَوْ غَيْرَهَا. (وَلَا يَجِبُ دَفْعُهَا حَتَّى يَعُودَ) فَيُخْرِجُهَا عَنْ الْأَحْوَالِ الْمَاضِيَةِ، وَلَوْ تَلِفَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ سَقَطَتْ. وَالثَّانِي وَحُكِيَ قَدِيمًا أَنَّهَا لَا تَجِبُ فِي الْمَذْكُورَاتِ لِتَعَطُّلِ نَمَائِهَا وَفَائِدَتِهَا عَلَى مَالِكِهَا بِخُرُوجِهَا مِنْ يَدِهِ وَامْتِنَاعِ تَصَرُّفِهِ فِيهَا (وَالْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِهِ) بِأَنْ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فِي يَدِ الْبَائِعِ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ عَلَى الْمُشْتَرِي (وَقِيلَ: فِيهِ الْقَوْلَانِ) فِي الْمَغْصُوبِ. وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِتَعَذُّرِ الْوُصُولِ إلَيْهِ وَانْتِزَاعِهِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي لِتَمَكُّنِهِ مِنْهُ بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ (وَتَجِبُ فِي الْحَالِ عَنْ) الْمَالِ (الْغَائِبِ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ) وَتُخْرَجُ فِي بَلَدِهِ فَإِنْ كَانَ سَائِرًا فَلَا يَجِبُ الْإِخْرَاجُ حَتَّى يَصِلَ إلَيْهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ لِانْقِطَاعِ الطَّرِيقِ أَوْ انْقِطَاعِ خَبَرِهِ (فَكَمَغْصُوبٍ) فَتَجِبُ فِيهِ فِي الْأَظْهَرِ وَلَا يَجِبُ إخْرَاجُهَا حَتَّى يَصِلَ إلَيْهِ (وَالدَّيْنُ إنْ كَانَ مَاشِيَةً وَغَيْرُ لَازِمٍ كَمَالُ كِتَابَةٍ فَلَا زَكَاةَ) فِيهِ أَمَّا الْمَاشِيَةُ فَلِأَنَّ شَرْطَ زَكَاتِهَا السَّوْمُ، وَمَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَّصِفُ بِسَوْمٍ.
وَأَمَّا مَالُ الْكِتَابَةِ فَلِأَنَّ الْمِلْكَ غَيْرُ تَامٍّ فِيهِ وَلِلْعَبْدِ إسْقَاطُهُ مَتَى شَاءَ (أَوْ عَرْضًا أَوْ نَقْدًا فَكَذَا) أَيْ لَا زَكَاةَ فِيهِ (فِي الْقَدِيمِ) لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ فِي الدَّيْنِ حَقِيقَةً (وَفِي الْجَدِيدِ إنْ كَانَ حَالًّا وَتَعَذَّرَ أَخْذُهُ لِإِعْسَارٍ وَغَيْرِهِ) أَيْ لَا كَجُحُودٍ وَلَا بَيِّنَةَ أَوْ مَطْلٍ أَوْ غَيْبَةٍ (فَكَمَغْصُوبٍ) فَتَجِبُ فِيهِ فِي الْأَظْهَرِ، وَلَا يَجِبُ إخْرَاجُهَا حَتَّى يَحْصُلَ (وَإِنْ تَيَسَّرَ) أَخْذُهُ بِأَنْ كَانَ عَلَى مَلِيءٍ مُقِرٍّ حَاضِرٍ بَاذِلٍ (وَجَبَ تَزْكِيَتُهُ فِي الْحَالِ) وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ (أَوْ مُؤَجَّلًا فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَمَغْصُوبٍ) فَتَجِبُ فِيهِ فِي الْأَظْهَرِ وَقِيلَ: قَطْعًا وَلَا يَجِبُ دَفْعُهَا حَتَّى يَقْبِضَ (وَقِيلَ: يَجِبُ دَفْعُهَا قَبْلَ قَبْضِهِ) وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى طَرِيقِ الْقَطْعِ الْمَقِيسِ عَلَى الْمَالِ الْغَائِبِ الَّذِي يَسْهُلُ إحْضَارُهُ. وَوَجْهُ طَرِيقِ الْخِلَافِ بِأَنَّهُ لَا يُتَوَصَّلُ إلَى التَّصَرُّفِ فِيهِ قَبْلَ الْحُلُولِ. وَقِيلَ: لَا تَجِبُ فِيهِ قَطْعًا لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا قَبْلَ الْحُلُولِ
(وَلَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ وُجُوبَهَا فِي أَظْهَرْ الْأَقْوَالِ) لِإِطْلَاقِ النُّصُوصِ الْوَارِدَةِ فِيهَا. وَالثَّانِي يَمْنَعُ كَمَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْحَجِّ. (وَالثَّالِثُ يَمْنَعُ فِي الْمَالِ الْبَاطِنِ وَهُوَ النَّقْدُ وَالْعَرْضُ) وَالرِّكَازُ وَزَكَاةُ الْفِطْرِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ: وَلَا يَمْنَعُ فِي الظَّاهِرِ وَهُوَ الْمَاشِيَةُ وَالزَّرْعُ وَالثَّمَرُ وَالْمَعْدِنُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الظَّاهِرَ يَنْمُو بِنَفْسِهِ وَالْبَاطِنُ إنَّمَا يَنْمُو بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ وَالدَّيْنُ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَيُحْوِجُ إلَى صَرْفِهِ فِي قَضَائِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَمْ مُؤَجَّلًا مِنْ جِنْسِ الْمَالِ أَمْ لَا (فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ لِدَيْنٍ فَحَالَ الْحَوْلُ فِي الْحَجْرِ فَكَمَغْصُوبٍ) لِأَنَّ الْحَجْرَ مَانِعٌ مِنْ التَّصَرُّفِ، وَلَوْ عَيَّنَ الْحَاكِمُ لِكُلٍّ مِنْ غُرَمَائِهِ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ وَمَكَّنَهُمْ مِنْ أَخْذِهِ فَحَالَ الْحَوْلُ قَبْلَ أَخْذِهِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ قَطْعًا لِضَعْفِ مِلْكِهِ. وَقِيلَ: فِيهَا خِلَافُ الْمَغْصُوبِ (وَ) الْأَوَّلُ أَيْضًا (لَوْ اجْتَمَعَ زَكَاةٌ وَدَيْنُ آدَمِيٍّ فِي تَرِكَةٍ) بِأَنْ مَاتَ قَبْلَ أَدَاءِ الزَّكَاةِ (قُدِّمَتْ) تَقْدِيمًا لِدَيْنِ اللَّهِ وَفِي حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ«فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ» (وَفِي قَوْلٍ) يُقَدَّمُ (الدَّيْنُ) لِافْتِقَارِ الْآدَمِيِّ وَاحْتِيَاجِهِ (وَفِي قَوْلٍ يَسْتَوِيَانِ) فَيُوَزَّعُ الْمَالُ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ الزَّكَاةَ تَعُودُ فَائِدَتُهَا إلَى الْآدَمِيِّينَ أَيْضًا (وَالْغَنِيمَةُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ إنْ اخْتَارَ الْغَانِمُونَ تَمَلُّكَهَا وَمَضَى بَعْدَهُ حَوْلٌ وَالْجَمِيعُ صِنْفٌ زَكَوِيٌّ وَبَلَغَ نَصِيبُ كُلِّ شَخْصٍ نِصَابًا أَوْ بَلَغَهُ الْمَجْمُوعُ فِي مَوْضِعِ ثُبُوتِ الْخُلْطَةِ) مَاشِيَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا (وَجَبَتْ زَكَاتُهَا وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخْتَارُوا تَمَلُّكَهَا (فَلَا) زَكَاةَ عَلَيْهِمْ فِيهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ لَهُمْ أَوْ مَمْلُوكَةٌ مِلْكًا فِي نِهَايَةٍ مِنْ الضَّعْفِ يَسْقُطُ بِالْأَعْرَاضِ. وَكَذَا لَوْ اخْتَارُوا تَمَلُّكَهَا وَهِيَ أَصْنَافٌ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا سَوَاءٌ كَانَتْ مِمَّا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي جَمِيعِهَا أَمْ بَعْضِهَا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَا يَدْرِي مَاذَا يُصِيبُهُ وَكَمْ نَصِيبُهُ.
وَكَذَا لَوْ كَانَتْ صِنْفًا لَا يَبْلُغُ نِصَابًا إلَّا بِالْخُمُسِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ الْخُلْطَةَ لَا تَثْبُتُ مَعَ أَهْلِ الْخُمُسِ إذْ لَا زَكَاةَ فِيهِ لِأَنَّهُ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ (وَلَوْ أَصْدَقَهَا نِصَابَ سَائِمَةٍ مُعَيَّنًا لَزِمَهَا زَكَاتُهُ إذَا تَمَّ حَوْلٌ مِنْ الْإِصْدَاقِ) سَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا وَسَوَاءٌ قَبَضَتْهُ أَمْ لَا لِأَنَّهَا مَلَكَتْهُ بِالْعَقْدِ وَاحْتُرِزَ بِالْمُعَيَّنِ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ أَكْرَى دَارًا أَرْبَعَ سِنِينَ بِثَمَانِينَ دِينَارًا وَقَبَضَهَا فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ إلَّا زَكَاةَ مَا اسْتَقَرَّ) لِأَنَّ مَا لَا يَسْتَقِرُّ مُعَرَّضٌ لِلسُّقُوطِ بِانْهِدَامِ الدَّارِ فَمِلْكُهُ ضَعِيفٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا ذُكِرَ فِي مَسْأَلَةِ الصَّدَاقِ إذْ هُوَ بِفَرْضِ أَنْ يَعُودَ نِصْفُهُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ أَنَّ عَوْدَ نِصْفِهِ بِمِلْكٍ جَدِيدٍ مِنْ غَيْرِ انْفِسَاخٍ لِعَقْدٍ، بِخِلَافِ عَوْدِ بَعْضِ الْأُجْرَةِ فَإِنَّهُ بِانْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ (فَيُخْرِجُ عِنْدَ تَمَامِ السَّنَةِ الْأُولَى زَكَاةَ عِشْرِينَ) لِأَنَّهَا الَّتِي اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَيْهَا (وَلِتَمَامِ الثَّانِيَةِ زَكَاةَ عِشْرِينَ لِسَنَةٍ) وَهِيَ الَّتِي زَكَّاهَا (وَعِشْرِينَ لِسَنَتَيْنِ) وَهِيَ الَّتِي اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَيْهَا الْآنَ (وَلِتَمَامِ الثَّالِثَةِ زَكَاةَ أَرْبَعِينَ لِسَنَةٍ) وَهِيَ الَّتِي زَكَّاهَا (وَعِشْرِينَ لِثَلَاثِ سِنِينَ) وَهِيَ الَّتِي اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَيْهَا الْآنَ (وَلِتَمَامِ الرَّابِعَةِ زَكَاةَ سِتِّينَ لِسَنَةٍ) وَهِيَ الَّتِي زَكَّاهَا (وَعِشْرِينَ لِأَرْبَعٍ) وَهِيَ الَّتِي اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَيْهَا الْآنَ (وَالثَّانِي يُخْرِجُ لِتَمَامِ الْأُولَى زَكَاةَ ثَمَانِينَ) لِأَنَّهُ مَلَكَهَا مِلْكًا تَامًّا وَالْكَلَامُ فِيمَا إذَا كَانَتْ أُجْرَةُ السِّنِينَ مُتَسَاوِيَةً وَأَخْرَجَ الزَّكَاةَ مِنْ غَيْرِ الْمَقْبُوضِ. وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنَّ كَلَامَ نَقَلَةِ الْمَذْهَبِ يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ فِي الذِّمَّةِ وَقُبِضَتْ، وَمَا إذَا كَانَتْ مُعَيَّنَةً.